راي الوطني

اهلا بكم في دار ليبتون.. بقلم: عادل سيف

اذا تولد لديك احساس من عنوان المقال ان المقصود هو شاي ليبتون فبالفعل احساسك صحيح، نعم كان لهذا الشاي دارا او حديقة يقدم فيها مشروب الشاي منذ العشرينية الاخيرة من القرن التاسع عشر عندما بدأ تأثر المصريين مع تواجد الاحتلال البريطاني في بلدهم بالعادات الانجليزية في شربه.

لو قدر لهذه الحديقة الاستمرار لكانت المنافس لحديقة جروبي الشهيرة الواقعة في شارع عدلي خاصة وانها ليست بعيدة عنها في وسط البلد، حيث تقع في شارع محمد فريد، فعندما تسير في شارع قصر النيل قادما من ميدان طلعت حرب في نفس الصف الذي فيه عمارة الايموبليا، وبعد دخول ميدان مصطفى كامل ومواصلة السير متجها يسارا للدخول في شارع محمد فريد حيث الناصية التي يتواجدها فيها محل بوتشلاتي اقدم محل لبيع مستلزمات الفنون التشكيلية واللوحات ستجد بعده مباشرة بوابة حديد لممر طويل بجوار العمارة.

كانت هذه البوابة، وهي حديثة الان إذ اضيفت مع عمليات الترميم والتجميل لواجهات عمارات وسط البلد مؤخرا، تفضي بك حسب ما من خلال الممر الى هذه الحديقة والتي كانت تقع خلف العمارة القديمة المطلة على الميدان، حسب ما سمعت في طفولتي ممن كانوا أكبر مني سنا بسنوات كثيرة ان الحديقة كان يتوزع فيها بدلا من المظلات “برجولات” وتتواجد تحتها الموائد والمقاعد لجلوس الرواد وهم يشاهدون نافورة مائية تتوسط المكان.

تراجع الاقبال على هذه الحديقة بعد ثورة 1919 مع تزايد الكراهية لكل ما هو انجليزي وخاصة في الخمس سنوات التي تلت سنة الثورة، اضافة لصعود كازينوهات وكباريهات ومسارح شارع عماد الدين في تلك الفترة التي جذبت بعض من الزبائن، ومن تداعيات هذه الفترة هو ظهور نجوم المسرح والغناء والرقص ومن بينهم الراقصة صفية حلمي والتي لم تكتف بشراء كازينو بديعة مصابني في ميدان الاوبرا بل اشترت حديقة ليبتون لتحولها إلى كاباريه وعلى الاغلب أسمته “كوبانا” اي الكوبي.

ذكرياتي مع المكان تتلخص في أنه حرم علي طفلا وطول عمري ففي طفولتي كان مشهده مثيرا للاستغراب وربما الخوف، فما كنت أشهده هو بوابة مغلقة تعلوها لوحة كوبانا وممر ضيف مسقوف مسدود في نهايته لان بوابة الدخول الفعلي للمكان كانت على الجنب مع نهاية الممر يصعب مشاهدتها بوضوح وبسبقها شباك صغير لشراء تذاكر الدخول، واستمرهذا الشعور نحو المكان حتى في شبابي وان تبدل من الخوف الى انعدام الرغبة في دخول الكباريهات.

وتصادف مرة أن حضرت فرح لاحد الاصدقاء النوبيين من سكان حي عابدين أن احيت الفرح فرقة اسمها “فرقة علي كوبانا” وعرفت انها فرقة نوبية وكانت تقدم استعراضات نوبية في الكبارية والحق اسم الكباريه باسم صاحب الفرقة للتعريف بها.

اغلق الكبارية مع نهاية السبعينيات وبدايات الثمانينات وظل مهجورا الى ازيلت كافة معالم كبارية كوبانا وتحول مدخله مؤخرا للمشهد الذي ترونه اثناء مروركم الان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى