راي الوطني

أبو العباس محمد.. يكتب: “ضلمت يا أبيض”

 

لا اعرف لماذا تذكرت القطن المصري وكيف كان عنوانا رائعا للزراعة المصرية وسندا قويا للاقتصاد الزراعي المصري، أحسست باشتياق كبير لرؤية غيطانه وهي تسطع خيرا بذهبها الأبيض.

تذكرت طفولتي وصبايا في مثل هذا الوقت وكيف كانت مقاومة دودة القطن بالنسبة لنا عيدا ونحن نتسابق للانضمام جماعات وطوابير المقاومة  نجري نحو الغيطان لجمع أكبر عدد ممكن من الأوراق المصابة بدودة القطن.

وأما ايام الجني ما أحلاها وكان أجر الواحد منا تقريبا ثلاثة قروش وأحيانا خمسة، نحن ابناء المزارعين كنا تذوب عشقا في حب هذا المحصول وسمعة القطن المصري التي لم يكن يضاهيها سمعة.

رحم الله الوالي الألباني الأصل  محمد علي هو من أدخل زراعة القطن الي مصر عام ١٨٢١ ونجحت مصر في زراعته نجاحا عظيما تصدرت به الدول الأفريقية وتغني العالم بجودته وطول تيلته وحسن ملمس وجودة  الملابس التي يتم منه صناعتها، ونظرا لذلك تم إنشاء ثلاثين مصنعا لغزل القطن ونسجه في الوجهين القبلي والبحري.

ياتري كم هي عدد المصانع الباقية الان ؟ وكان الإنتاج وقتها يسد حاجة البلاد وارباحا لخزانة الدولة تصل ١٠٠ بالمائة، وعندما جاء الخديوي اسماعيل كانت من أوليات سياسته الاقتصادية تهدف إلي إقامة قاعدة اقتصادية صلبه حديثة يكون القطن محور ارتكازها.

هل تصدقني لو قلت لك أنه بعد الاحتلال ونجاح سياسة اللورد كروم الاقتصادية زادت زراعة القطن زيادة كبيرة.

الشاعر الشعبي الكبير محمود بيرم التونسي لم يكن بعيدا عن وعي غالبية المصريين بأهمية زراعة القطن، دائما اتذكر قصيدته (القطن) التي قدم فيها تشخيصا بديعا لحالة العشق التي كان يتمتع بها القطن داخل قلوب المصريين.

دعني أختار لك بعض من اجمل المقاطع الشعرية التي وردت في هذه القصيدة:

فايت علي القطن كان لسه ورق عالعود

واقفه علي العذاري تحرسه من الدود

فقلت قادر تلهي يجعلك في صعود

وان كنت مخلوق عفيفي يقلبك فري جود

عارف ومتوقع انك هتسألني هو أنت اشتقت للقطن إلى هذه الدرجة، تقصد أننا توقفنا عن زراعته ولم يعد في أراضينا زراعة للقطن.

أطمئن زراعة القطن مستمرة والحمد لله، وبمساحة تتجاوز ٣٢٦ الف فدان تمثل ٧٩% من المستهدف زراعته، يعني هناك اهتمام بزراعته ومحاولة استعادة مجده وإعادته الي التربع علي عرشه وهذا جهد محمود وعظيم لا يمكن إنكاره بزيادة 100 ألف فدان تقريبا عن العام الماضي.

ومن أهم المحافظات التي تزرعه حاليا هي الفيوم وبني سويف والمنيا وأسيوط، ممكن تسأل وأكيد بتفكر في هذا السؤال طيب طالما الأمور حلوة بهذا الشكل لما كل هذا القلق الذي يختبئ بين ضلوع سطورك.

عندك حق، نعم أنا قلقان، أولا: لأنه لم يعد هنا حديثا عن جودة القطن المصري المعروف أنه طويل التيلة وتلك ميزة وخاصية عظيمة وصيت شائع كان يتميز به القطن المصري.

الآن لا حس ولا خبر حتي الإعلام المصري نفسه والبرامج الزراعية لا تليق بسيرة عنه ولا بذكره، عايز تقول إن القطن المزروع حاليا لا يتمتع بخاصية طويل التيلة؟.

لا أستطيع أن أجزم بذلك ولكن رغم هذه المساحة المزروعة من القطن في بلادنا فلا حس ولا خبر ولا سمعة رائجة عن القطن المصري واقتصاديادته في الأسواق العالمية ممكن توضح أكتر، لو سمحت قبل الربع الباقي من رأسي يطير.

أسمع ياسيدي:

مصر طبعا دولة أفريقية، لكن هناك عشر دول أفريقية تتصدر الآن زراعة وإنتاج القطن في افريقيا مصر ليست منهم، فهي تحتل المرتبة الـ ١٨ أفريقيا والـ٢٤ عالميا.

الدول العشرة وحسب الترتيب الإنتاجي هم : بنين، مالي، بوركينا فاسو، ساحل العاج، الكاميرون، توجو، تشاد، السنغال، وأفريقيا الوسطي، والنيحر.

المحزن أننا نستورد سنويا قطن بما يصل إلي ٥ مليار جنيه، عارف أنا نفسي في ايه حاليا، في ايه؟ بعد ماسديت نفسي، الله يسامحك

.. نفسي أصحي كل يوم الصبح، وأسمع أم كلثوم وهي بتغني للقطن الأغنية التي كتبها الشاعر أحمد رامي ولحنها زكريا أحمد.. بتقول:

القطن فتح هنا البال

والرزق جه وصفالنا البال

أجمعوا خيره

مالناش غيره

يغني البلد ويهني الحال

وياسلام لو حد من الملحنين يرجع لكلمات الشاعر العظيم صلاح جاهين، ويلحن كلماته اللي بتقول:

يامعجباني با أبيض يامعجباني

ياقطن ياللي مبيض وش الغيطاني

وبعد ماتسمع الاغاني، تفتكر القطن هيختشي علي تيلته ويتحسن يعني

وحياتك ممكن يحصل ويتحسن، انت نسيت أننا بلد الطرب والغنا، الزن علي الودان أشد من الغزل ياابو سديري يافقر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى