راي الوطني

البندقجي والغياب.. بقلم: محمود مشارقة

ربما نحتاج لإعادة صياغة مفهوم المكان حتى نتوصل إلى توصيف دقيق لمعنى الغياب، سعى صاحبنا البندقجي قبل سنوات جاهدا للملمة أوراقه المبعثرة هنا وهناك أملا في استغلال فرصة ذهبية سانحة في البقعة الثرية الأخرى من جزيرة الأحلام .. راودته حينها أفكار إبداعية بأن ينجز المهمة بنجاح وتكون الرحلة خاطفة دون تكلفة نفسية للتغيير.

السؤال الذي يجول في الخاطر هل كان سطعان عمليا جدا حين نصح صديقه باعتبار تغيير الهوية والمكان مؤقتا كفترة محكومية عليه التعايش معها ؟.

النصيحة الأولى للبندقجي كانت اصطحاب مجموعة من الروايات التي لم يقرأها في حقيبة السفر ليستفيد من الوقت الضائع ويقرأها بعيدا عن هواء الوطن ورائحة زعتره وكعك الشهي.. وقال سطعان للبندقجي: لا بد من العودة إلى غابريل غراسيا ماركيز ومئة عام من العزلة وحب في زمن الكوليرا أو زمن الجائحة لا فرق في الأسماء هنا لتكتشف ملامح اللغة الأدبية الحالمة ومفرداتها البائسة التي نتعلق بها ونرددها دون دراية.

ربع قرن يعتبر صاحبنا التغيير المكاني عبارة عن رحلة عابرة سرعان ما تحولت معه إلى رحلة دائمة لا مجال فيها للعودة إلى الوراء.

الأماكن تصبح مألوفة مع الوقت.. تحب أشياء لم تكن تروق لك من قبل.. تتغير لديك مفاهيم المكان والزمان ومعاني البطولة والسمو والشهامة.. التوصيف الجديد هو أن جمال الأماكن بأهلها وليس بجودة الحياة فيها أو طابعها المعماري.. قرية صغيرة ربما تكون أجمل من مدن بلا روح.. والنصيحة الجديدة: استمتع بنكهة الأماكن أينما  كنت أو حللت، إبحث عن مفردات جميلة في قاموس يعج بملايين الكلمات المتناقضة ولا ضير من الأمل بأن القادم أجمل.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى