راي الوطني

د. حاتم الطحاوي.. يكتب: الذهنية العربية وخلط كرة القدم بالتاريخ والسياسة

 

أقول – وانا أمشي على الشوك – أنني أتعجب من الأقلام التي تخلط بين فوز المنتخبين التونسي والمغربي على منتخبات فرنسا وإسبانيا والبرتغال حاليا وبين ما جرى في التاريخ الوسيط والحديث.

وأزيد بأن هذه التصورات تنطلق من دوافع عاطفية ودينية محضة، بحيث بدا أن العرب الذين يعيشون الآن أقسى لحظات الهزيمة عبر تاريخهم الطويل يحاولون توظيف نجاحات كرة القدم في إصلاح ما أفسده الساسة والحكام في الماضي والحاضر.

وذلك عبر استدعاء ومضات تاريخية قوية حول سابق انتصارات المسلمين في الزلاقة ووادي المخازن، وكذا استدعاء شخصيات بارزة مثل طارق بن زياد ويوسف بن تاشفين وغيرهم.

أعتب على الجميع – وعتبي على أهل التاريخ كبير – وأقول لهم دعونا نتمتع بكرة قدم حقيقية يقدمها المنتخب المغربي، دعونا نبتهج بقوة لفوزه على أقوى الفرق الأوربية وندعو له بدوام الصعود، بل والحصول على كأس العالم إن شاء الله.

كل ذلك دون دغدغة للمشاعر، دون الحنين إلى ماض تليد، ودون تلويث المتعة الرياضية بأدران السياسة والتاريخ.

إن الفوز في الرياضة لايحقق ثأرات سياسية أو دينية يا جماعة الخير . لأننا إذا سمحنا لأنفسنا بأن تفكر بهذه الطريقة الخاطئة ، فهل فوز المغرب القادم على فرنسا – إن شاء الله – يعد محاولة ناجحة هذه المرة من أجل فتح بلاد الفرنجة  ؟! .

وهل إذا حدث العكس يجعلنا الأمر نستدعي شخصية شارل مارتل وما جرى لنا في بلاط الشهداء ؟!!

ما أقرأه حاليا هو في نظري مجرد فورة عاطفية ، وفي أحسن الأحوال هي ردة فعل ثقافية على هزيمة سياسية وحضارية ليس إلا.

ارحمونا يرحمكم الله ودعونا نستمتع بأجمل رياضة وأكثر الفنون متعة في العالم دون ضبابية أو تشويش.

التوقيع:

لاعب كرة سابق كان يمكنه أن يستمر ليصبح لاعبا كبيرا، لولا أن ضل طريقه إلى العمل بالجامعة !!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى